فصل: مسألة (113): لا تصحُّ الصَّلاة في المواضع المنهي عن الصَّلاة فيها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسائل استقبال القبلة وموضع الصَّلاة

مسألة ‏(‏112‏)‏‏:‏ إذا تحرَّى في القبلة فأخطأ، فلا إعادة عليه‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ يعيد‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 583- الحديث الأوَّل‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا محمود بن غيلان ثنا وكيع ثنا أشعث بن سعيد السَّمَّان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال‏:‏ كُنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفرٍ، في ليلة مظلمة، فلم نَدْرِ أين القِبلة‏؟‏ فصلَّى كلُّ رجلٍ منَّا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزل ‏{‏فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 115‏]‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ، ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السَّمَّان، وأشعث يضعَّف في الحديث‏.‏

قلت‏:‏ كان هُشيم يقول‏:‏ أشعث السَّمان يكذب‏.‏

وقال أحمد بن حنبل‏:‏ حديثه مضطرب، ليس بذاك‏.‏

وقال يحيى والنَّسائيُّ وأبو زرعة‏:‏ ضعيف‏.‏

وفي لفظٍ عن يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال الفلاَّس والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

وقال أبو حاتم بن حِبَّان‏:‏ يروي عن الأئمة الأحاديث الموضوعات، خصوصًا عن هشام بن عروة‏.‏

وقال العقيليُّ‏:‏ لا يروى متن هذا الحديث من وجهٍِ يثبت‏.‏

وأمَّا عاصم بن عبيد الله‏:‏ فقال يحيى بن معين‏:‏ ضعيف، لا يحتجُّ بحديثه‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان سيء الحفظ، كثير الوهم، فاحش الخطأ، فترك‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث ابن ماجه والدَّارَقُطنِيُّ‏.‏

584- وقال البيهقيُّ‏:‏ أنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو الحسين عليُّ بن الحسين الرُّصَافيُّ ببغداد ثنا محمد بن الحارث العسكريُّ حدَّثني أحمد بن عبيد الله ابن الحسن العنبريُّ قال‏:‏ وجدت في كتاب أبي‏:‏ ثنا عبد الملك بن أبي سليمان العرزميُّ عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سريَّة، كنت فيها، فأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة‏:‏ القبلة هاهنا- قبل الشّمال-‏.‏

فصلوا وخطّوا خطًّا، وقال بعضنا‏:‏ القبلة هاهنا- قبل الجنوب-‏.‏

وخطّوا خطًّا، فلما أصبحنا وطلعت الشَّمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فقدمنا من سفرنا، فأتينا النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألناه عن ذلك، فسكت، وأنزل الله عزَّ وجلَّ ‏{‏وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 115‏]‏ أي‏:‏ حيث كنتم‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وكذلك رواه الحسن بن عليِّ بن شبيب المَعْمَريُّ ومحمد بن محمد بن سليمان الباغنديُّ عن أحمد بن عبيد الله O‏.‏

585- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ قرئ على عبد الله بن محمد بن عبد العزيز- وأنا أسمع-‏:‏ حدَّثكم داود بن عمرو ثنا محمد بن يزيد الواسطيُّ عن محمد بن سالم عن عطاء عن جابر قال‏:‏ كنَّا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مَسِيرٍ فأصابنا غيمٌ، فتحيرَّنا، فاختلفنا في القبلة، فصلَّى كل رجلٍ منَّا على حِدةٍ، وجعل أحدنا يخطُّ بين يديه لنعلم أمكنتنا، فذكرنا ذلك للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يأمرنا بالإعادة، وقال‏:‏ ‏"‏قد أجزأت صلاتكم‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ كذا قال‏:‏ ‏(‏عن محمد بن سالم‏)‏، وقال غيره‏:‏ ‏(‏عن محمد بن عبيد الله العَرْزَميِّ عن عطاء‏)‏ وهما ضعيفان‏.‏

قلت‏:‏ أمَّا محمد بن سالم‏:‏ فكان ابن المبارك إذا مرَّ بحديثه يقول‏:‏ اضربوا عليه‏.‏

وقال أحمد‏:‏ هو شبه المتروك‏.‏

وقال يحيى القطَّان‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث، لا يساوي شيئًا‏.‏

وأمَّا العَرْزَميُّ‏:‏ فقال أحمد‏:‏ ترك النَّاس حديثه‏.‏

وقال يحيى‏:‏ لا يكتب حديثه‏.‏

قلت‏:‏ على أنَّه قد حدَّث عنه شعبة وسفيان‏.‏

ز‏:‏ وقال البيهقيُّ‏:‏ لا نعلم لهذا الحديث إسنادًا صحيحًا قويًّا، وذلك لأنَّ عاصم بن عبيد الله بن عمر العُمَرِيَّ ومحمد بن عبيد الله العَرْزَمِيَّ ومحمد بن سالم الكوفيَّ كلَّهم ضعفاء، والطَّريق إلى عبد الملك العَرْزَمِيَّ غير واضح، لما فيه من الوجادة وغيرها‏.‏

مسألة ‏(‏113‏)‏‏:‏ لا تصحُّ الصَّلاة في المواضع المنهي عن الصَّلاة فيها‏.‏

وعنه‏:‏ تصحُّ وتكره، كقول بقيَّة الفقهاء‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ 586- قال أحمد‏:‏ ثنا وكيع عن أبي سفيان بن العلاء عن الحسن عن عبد الله بن مغفَّل قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا حضرت الصَّلاة وأنتم في مرابض الغنم فصلُّوا، وإذا حضرت الصَّلاة وأنتم في أعطان الإبل فلا تصلُّوا، فإنَّها خلقت من الشَّياطين‏"‏‏.‏

587- قال أحمد‏:‏ وثنا عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن سِماَك بن حرب عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سَمُرَة أنَّ رجلاً سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أأصلِّي في مراح الغنم‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏

قال‏:‏ أفأصلِّي في أعطان الإبل‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا‏"‏‏.‏

588- قال أحمد‏:‏ وثنا هارون ثنا ابن وهب قال‏:‏ حدَّثني عاصم بن حكيم عن يحيى بن أبي عمرو الشَّيبانيِّ عن أبيه عن عُقبة بن عامر الجهنيِّ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏صلُّوا في مرابض الغنم، ولا تصلُّوا في أعطان الإبل أو‏:‏ مبارك الإبل-‏"‏‏.‏

589- قال أحمد‏:‏ وثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال‏:‏ سُئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصَّلاة في مبارك الإبل، فقال‏:‏ ‏"‏لا تصلُّوا فيها، فإنَّها من الشَّياطين‏"‏‏.‏

590- قال أحمد‏:‏ وثنا يعقوب ثنا عبد الملك بن الرَّبيع بن سبرة عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله نهى أن يصلَّى في أعطان الإبل، ورخَّص أن يصلَّى في مراح الغنم‏.‏

وقد ذكرنا في باب الوضوء حديثًا في ذلك أيضًا عن أُسيد بن حُضير وعن ذي الغُرَّة، وقد رواه أبو هريرة أيضًا‏.‏

591- وقال عبد بن حميد‏:‏ ثنا عبد الله بن يزيد المُقْرِئ ثنا يحيى بن أيُّوب عن زيد بن جَبِيرة عن داود بن حُصَين عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يصلَّى في سبعة مواطن‏:‏ في المَزْبَلة، والمَجْزَرة، والمقبرة، وقارعة الطَّريق، وفي الحمَّام، وفي مَعَاطِن الإبل، وفوق ظهر بيت الله‏.‏

592- وقال ابن ماجه‏:‏ ثنا عليُّ بن داود ومحمد بن أبي الحسين قالا‏:‏ ثنا أبو صالح قال‏:‏ حدَّثني الليث قال‏:‏ حدَّثني نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطَّاب أن رسول الله قال‏:‏ ‏"‏سبعة مواطن لا تجوز فيها الصَّلاة‏:‏ ظهر بيت الله، والمقبرة، والمَزْبَلة، والمَجْزَرة، والحمَّام، وعَطَنُ الإبل، ومَحَجَّةُ الطََّريق‏"‏‏.‏

593- وقال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا الحسين بن حُريث ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الأرضُ كلُّها مسجدٌ، إلا المقبرة والحمَّام‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ أمَّا حديث ابن عمر‏:‏ فقد قال التِّرمذيُّ‏:‏ ليس إسناده بذاك القويِّ، وقد تُكلِّم في زيد من قبل حفظه‏.‏

وقال يحيى‏:‏ زيدٌ ليس بشيءٍ‏.‏

وأمَّا حديث عمر‏:‏ ففيه كاتب الليث أبو صالح، وكلُّهم طَعَن فيه‏.‏

وأمَّا حديث أبي سعيد‏:‏ فمضطربٌ، كان الدَّراورديُّ يقول فيه تارةً‏:‏ عن أبي سعيد، وتارةً لا يذكره‏.‏

قلنا‏:‏ أمَّا زيد‏:‏ فقد ضُعِّف، إلا أنَّه إذا كان من قبل حفظه، فما يخلوا الحافظ من الغلط‏.‏

وداود بن الحُصَين أيضاً‏:‏ قد ضُعِّف، إلا أنَّ أبا زُرعة يقول‏:‏ هو ليِّنٌ‏.‏

وأمَّا أبو صالح‏:‏ فقال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ كان رجلاً صالحاً، لم يكن ممَّن يكذب‏.‏

ومثل هذه الأشياء لا توجب اطراح الحديث‏.‏

ز‏:‏ حديث عبد الله بن مغفَّل‏:‏ رواه النَّسائيُّ من حديث أشعث، وابن ماجه من حديث يونس، كلاهما عن الحسن، ولم يقل أشعث‏:‏ ‏"‏فإنَّها خلقت من الشَّياطين‏"‏‏.‏

وقد تقدَّم حديث جابر بن سَمُرة والبراء بن عازب والكلام عليها‏.‏

594- وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏صلُّوا في مرابض الغنم، ولا تصلُّوا في أعطان الإبل‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد وابن ماجه والتِّرمذيُّ وصحَّحه‏.‏

وروى حديث ابن عمر‏:‏ ابن ماجه والتِّرمذيُّ وقال‏:‏ وقد روى الليث هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العُمَرِيِّ عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله‏.‏

وحديث ابن عمر أشبه وأصحُّ من حديث الليث بن سعد، والعُمَرِيُّ ضعَّفه بعض أهل الحديث من قبل حفظه‏.‏

وقد تقدَّم أنَّ ابن ماجه رواه من رواية أبي صالح كاتب الليث عن الليث عن نافع عن ابن عمر، فأسقط العُمَرِيَّ من الرِّواية‏.‏

وزيد بن ‏[‏جَبِيرة‏]‏‏:‏ اتَّفقوا على ضعفه، وقال البخاريُّ‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال مرَّةً‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بثقة‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا، متروك الحديث، لا يكتب حديثه‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ضعيف الحديث‏.‏

وقال الأَزْدِيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد‏.‏

وأمَّا داود بن الحُصَين‏:‏ فروى له البخاريُّ ومسلم، ووثَّقه يحيى بن معين وغيره، وتكلَّم فيه بعضهم‏.‏

وأمَّا أبو صالح كاتب الليث‏:‏ فاسمه‏:‏ عبد الله بن صالح، وقد وثَّقه جماعة، وتكلَّم فيه آخرون، والصَّحيح أنَّ البخاريَّ روى عنه في ‏"‏ الصَّحيح‏"‏‏.‏

وأمَّا حديث أبي سعيد‏:‏ 595- فرواه أبو يعلى الموصليُّ‏:‏ ثنا زهير ثنا يزيد بن هارون أنا سفيان الثَّوريُّ وحمَّاد بن سلمة جميعًا عن عمرو بن يحيى المازنيِّ عن أبيه- قال حمَّاد في حديثه‏:‏ عن أبي سعيد الخدريِّ، ولم يجاوز سفيان أباه- قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الأرض كلُّها مسجد إلا المقبرة والحمَّام‏"‏‏.‏

596- وقال أحمد‏:‏ ثنا أبو معاوية الغُلابيُّ ثنا عبد الواحد بن زياد عن عمرو بن يحيى الأنصاريِّ عن أبيه عن أبي سعيد قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الأرض كلُّها مسجد إلا الحمَّام والمقبرة‏"‏‏.‏

597- قال أحمد‏:‏ وثنا أحمد بن عبد الملك ثنا محمد بن سلمة عن محمد ابن إسحاق عن عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه عن أبي سعيد قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏كلُّ الأرض مسجدٌ وطهور إلا المقبرة والحمَّام‏"‏‏.‏

598- وقال أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشَّافعيُّ‏:‏ ثنا إسحاق- هو‏:‏ ابن الحسن- ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الأرض كلُّها مسجد إلا المقبرة والحمَّام‏"‏‏.‏

ورواه الإمام أحمد أيضًا عن يزيد بن هارون مثل رواية زهير؛ ورواه أبو داود عن موسى عن حمَّاد بن سلمة، وعن مسدَّد عن عبد الواحد بن زياد، قال موسى في حديثه‏:‏ فيما يحسب عمرو أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال، شكَّ في رفعه‏.‏

ورواه التِّرمذيُّ عن ابن أبي عمر وأبي عمَّار المروزيِّ كلاهما عن الدَّراورديِّ عن عمرو بن يحيى به مُسْندًا، وقال‏:‏ قد روي عن الدَّراورديِّ روايتين‏:‏ منهم من ذكره عن أبي سعيد، ومنهم من لم يذكره؛ وهذا حديثٌ فيه اضطراب، وروى سفيان الثَّوريُّ عن عمرو عن أبيه ‏[‏عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل، ورواه ابن إسحاق عن عمرو عن أبيه‏]‏‏.‏

قال‏:‏ وكان ‏[‏عامَّة‏]‏ روايته عن أبي سعيد عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يقل عن أبي سعيد، وكأنَّ رواية الثَّوريِّ أثبتُ وأصحُّ‏.‏

ورواه ابن ماجه عن محمد بن يحيى عن يزيد بن هارون عن سفيان الثَّوريِّ وحمَّاد بن سلمة- فرقهما- كلاهما عن عمرو بن يحيى به مسندًا‏.‏

ورواه أبو حاتم البستيُّ عن ابن خزيمة عن بشر بن معاذ عن عبد الواحد ابن زياد‏.‏

ورواه الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ من طريق عبد الواحد بن زياد عن عمرو مسنداً، ورواه أيضاً من رواية بشر بن المفضَّل عن عمارة بن غزيَّة عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيدٍ مرفوعاً‏.‏

وقال‏:‏ كلاهما على شرط البخاريِّ ومسلم‏.‏

وقد رواه عليُّ بن عبد العزيز عن حجَّاج بن منهال عن حمَّاد مسنداً‏.‏

وكذلك رواه أبو بكر البزَّار عن أبي كامل الجَحْدريِّ عن عبد الواحد ابن زياد‏.‏

وكذلك رواه أبو نُعيم عن خارجة بن مصعب عن عمرو بن يحيى‏.‏

وسئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ فقال‏:‏ رواه عبد الواحد بن زياد والدَّراورديُّ ومحمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد متصلاً‏.‏

وكذلك رواه أبو نُعيم عن الثَّوريِّ عن عمرو، وتابعه سعيد بن سالم القدَّاح ويحيى بن آدم عن الثَّوريِّ فوصلوه‏.‏

ورواه جماعة عن عمرو بن يحيى عن أبيه مرسلاً‏.‏

والمرسل المحفوظ O‏.‏

مسألة ‏(‏114‏)‏‏:‏ لا تصحُّ الفريضة في الكعبة، ولا على ظهرها‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ تجوز إذا كان بين يديه شيءٌ منها‏.‏

وعن مالك كالمذهبين‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ لا تصحُّ إلا أن يستقبل سترةً مبنيَّةً أو خشبةً شاخصة متصلةً بالبناء‏.‏

لنا‏:‏ الحديث المتقدِّم‏.‏

مسألة ‏(‏115‏)‏‏:‏ إذا صلَّى في دار غصب أو ثوب غصب، لم تصحَّ صلاته‏.‏

وعنه‏:‏ تصحُّ، كقول الباقين‏.‏

599- قال أحمد‏:‏ ثنا أسود بن عامر ثنا بقيَّة بن الوليد الحمصيُّ عن عثمان بن زفر عن هاشم عن ابن عمر قال‏:‏ ‏"‏من اشترى ثوبًا بعشرة دراهم، وفيه درهم حرام، لم يقبل الله عزَّ وجلَّ له صلاةً مادام عليه‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ثُمَّ أدخل أصبعيه في أذنيه، ثُمَّ قال‏:‏ صُمَّتا إن لم أكن سمعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوله‏.‏

هاشم‏:‏ مجهولٌ، إلا أن يكون ابن زيد الدِّمشقيُّ، فذاك يروي عن نافع، ثُمَّ قد ضعَّفه أبو حاتم الرَّازيُّ‏.‏

ز‏:‏ قال أبو طالب‏:‏ سألتُ أبا عبد الله عن هذا الحديث، فقال‏:‏ ليس بشيءٍ، ليس له إسناد‏.‏

ذكره الخلال‏.‏

600- وقال أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم‏:‏ ثنا أبو عتبة ثنا بقيَّة ثنا يزيد بن عبد الله الجُهنيُّ عن أبي جَعْوَنة عن هشام الأوقص‏:‏ سمعت ابن عمر يقول‏:‏ ‏"‏من اشترى ثوبًا بعشرة دراهم وفي ثمنه درهمٌ حرام، لم يقبل الله له صلاةً ما كان عليه‏"‏‏.‏

ثُمَّ أدخل أصبعيه في أذنيه، قال‏:‏ صُمَّتا إن لم أكن سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّتين أو ثلاثاً‏.‏

قال شيخنا أبو الحجَّاج‏:‏ يزيد بن عبد الله وأبو جَعْوَنة وهشام الأوقص لا يعرفون‏.‏

وقال السَّعديُّ‏:‏ هاشم الأوقص ضالٌ، غير ثقةٍ‏.‏

وقد تكلَّمنا على هذا الحديث في غير هذا الموضع‏.‏

601- وقال ابن حِبَّان‏:‏ ثنا عليُّ بن أحمد بواسط قال‏:‏ ثنا أبي وعمِّي قالا‏:‏ ثنا عبد الله بن أبي علاج عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً‏:‏ ‏"‏من اشترى ثوبًا بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام، لم تقبل له صلاة‏.‏

‏"‏ الحديث‏.‏

ابن أبي علاج‏:‏ متهمٌ بالكذب O‏.‏

مسائل ستر العورة

مسألة ‏(‏116‏)‏‏:‏ حدُّ عورة الرَّجل من السُّرَّة إلى الرُّكبة‏.‏

وعنه‏:‏ أنَّها القُبل والدُّبر، كقول داود‏.‏

لنا ستة أحاديث‏:‏

602- الحديث الأوَّل‏:‏ قال عبد الله بن أحمد‏:‏ حدَّثني عبيد الله بن عمر القواريريُّ قال‏:‏ حدَّثني يزيد أبو خالد القرشيُّ ثنا ابن جريج قال‏:‏ أخبرني حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن عليٍّ قال‏:‏ قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حيٍّ ولا ميِّتٍ‏"‏‏.‏

603- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا محمد بن سابق ثنا إسرائيل عن أبي يحيى القتَّات عن مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ مرَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رجلٍ فخذه خارجة، فقال‏:‏ ‏"‏غطِّ فخذك، فإنَّ فخذ الرَّجل من عورته‏"‏‏.‏

604- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا حسين بن محمد ثنا ابن أبي الزِّناد عن أبيه عن زُرعة بن عبد الله بن جَرهد عن جَرْهد أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ على جَرْهد، وفخذ جَرْهد مكشوفةٌ في المسجد، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏يا جرهد، غط فخذك، فإن الفخذ عورة‏"‏‏.‏

605- الحديث الرابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا هشيم ثنا حفص بن ميرة عن العلاء عن أبي كثير- مولى محمد بن جحش- عن محمد بن جحش عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مر على معمر محتبيًا كاشفًا عن طرف فخذه، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏خمِّر فخذك يا معمر، فإن الفخذ عورة‏"‏‏.‏

606- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول ثنا جدي ثنا أبي عن سعيد بن راشد عن عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي أيُّوب قال‏:‏ سمعت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏ما فوق الركبتين من العورة، وما أسفل السرة من العورة‏"‏‏.‏

607- الحديث السادس‏:‏ قال يوسف‏:‏ ثنا محمد بن حبيب ثنا عبد الله بن بكر ثنا سوار أبو حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا زوج الرجل منكم عبده أمته فلا يرين ما بين ركبته وسرته، فإن ما بين سرته وركبته عورة‏"‏‏.‏

أصلح هذه الأحاديث‏:‏ حديث علي عليه السلام، وحديث عمرو ابن شعيب، وحديث ابن جحش‏.‏

فأما زرعة- في حديث جرهد-‏:‏ فإنه مجهول‏.‏

وأما حديث أبي أيُّوب‏:‏ فإن سعيد بن راشد وعباد بن كثير متروكان‏.‏

ز‏:‏ حديث علي‏:‏ رواه إسحاق بن راهويه‏:‏ عن روح بن عبادة عن عباد بن منصور عن عكرمة بن خالد عن حبيب عن عاصم، وعن روح عن ابن جريج عن حبيب‏.‏

ورواه أبو داود عن علي بن سهل الرملي عن حجاج عن ابن جريج قال‏:‏ أُخبرت عن حبيب بن أبي ثابت بنحوه‏.‏

وقال‏:‏ هذا الحديث فيه نكارة‏.‏

ورواه ابن ماجه عن بشر بن آدم- ابن بنت أزهر السمان- عن روح بن عباد عن ابن جريج عن حبيب‏.‏

ورواه الهيثم بن كليب الشاشي‏:‏ ثنا محمد بن سعد العوفي ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج قال‏:‏ حدثني حبيب بن أبي ثابت

فذكره‏.‏

وقد تكلَّم أبو حاتم الرَّازيُّ على هذا الحديث في ‏"‏ العلل ‏"‏ وضعَّفه، وقال‏:‏ إن ابن جريج لم يسمعه من حبيب، ولا حبيب من عاصم بن ضَمْرة‏.‏

وعاصم بن ضَمْرة‏:‏ وثَّقه ابن معين وابن المدينيِّ والعجليِّ، وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس به بأس‏.‏

وتكلَّم فيه ابن عَدِيٍّ وابن حِبَّان‏.‏

وحديث ابن عباس‏:‏ رواه التِّرمذيُّ مختصرًا- وحسَّنه- وأبو يعلى الموصليُّ والطَّحاويُّ- وصحَّحه-‏.‏

وفي إسناده أبو يحيى القتَّات، وقد اختلف في اسمه، فقيل‏:‏ اسمه زاذان، وقيل‏:‏ دينار، وقيل‏:‏ عبد الرَّحمن بن دينار، وقيل غير ذلك؛ ضعَّفه شَريك ويحيى في رواية، ووثَّقه في رواية أخرى، وقال أحمد‏:‏ روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة مناكير جدًّا‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ فحش خطؤه، وكثر وهمه، حتَّى سلك غير مسلك العدول في الرِّوايات‏.‏

وأمَّا حديث جَرْهد‏:‏ 608- فرواه أبو يعلى الموصليُّ‏:‏ ثنا أبو خيثمة ثنا عبد الرَّحمن عن مالك عن سالم أبي النَّضر عن زُرْعة بن عبد الرَّحمن بن جَرْهد عن أبيه عن جدِّه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ به وهو كاشفٌ فخذه، فقال‏:‏ ‏"‏أما علمت أنَّ الفخذ عورة‏؟‏‏"‏‏.‏

609- ورواه الطَّبرانيُّ‏:‏ ثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَريُّ عن عبد الرَّزَّاق عن مَعمر عن أبي الزِّناد عن ابن جَرْهد عن جَرْهد قال‏:‏ مرَّ بي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا كاشفٌ فخذي، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏غطِّها فإنَّها من العورة‏"‏‏.‏

610- قال الطَّبرانيُّ‏:‏ وثنا حفص بن عمر بن الصَّبَّاح الرَّقِّيُّ ثنا قَبيصة ابن عُقبة ثنا سفيان عن أبي الزِّناد عن زُرعة بن عبد الرَّحمن بن جَرْهد عن جَرْهد أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له‏:‏ ‏"‏غطِّ فخذَك، فإنَّ الفخذَ عورةٌ‏"‏‏.‏

611- قال الطَّبرانيُّ‏:‏ وثنا علي بن عبد العزيز ثنا القَعْنَبِيُّ عن مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه قال‏:‏ كان جرهد من أصحاب الصفة، قال‏:‏ جلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندنا وفخذي منكشفةٌ، فقال‏:‏ ‏"‏أما علمت أن الفخذ عورة‏"‏‏.‏

612- قال الطبرانيُّ‏:‏ وثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري ثنا أحمد ابن صالح قال‏:‏ قرأت على عبد الله بن نافع‏:‏ أنا مالك عن أبي النضر عن زرعة ابن عبد الرحمن الأسلمي عن أبيه عن جده أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جلس إليه، وكان من أصحاب الصفة، فرأى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخذه مكشوفة، فقال‏:‏ ‏"‏خمِّر فخذك، فإن الفخذ عورة‏"‏‏.‏

613- وقال أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى جرهداً في المسجد وعليه بُردةٌ، قد انكشف فخذه، فقال‏:‏ ‏"‏الفخذ عورة‏"‏‏.‏

614- قال أحمد‏:‏ وثنا أبو عامر ثنا زهير- يعني‏:‏ ابن محمد- عن عبد الله بن محمد- يعني‏:‏ ابن عقيل- عن عبد الله بن جرهد الأسلمي أنه سمع أباه جرهداً يقول‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏فخذ المسلم عورة‏"‏‏.‏

ورواه الإمام أحمد أيضاً عن عبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن عيسى جميعاً عن مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر به‏.‏

كذا رواية ابن مهدي، وفي رواية إسحاق‏:‏ عن مالك عن زرعة بن جرهد الأسلمي عن أبيه‏.‏

ورواه أيضاً عن عبد الرَّزَّاق، ورواه عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي الزناد عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن جده جرهد‏.‏

ورواه أبو داود السجستاني عن القعنبي‏.‏

ورواه التِّرمذيُّ‏:‏ عن محمد بن أبي عمر عن سفيان عن أبي النضر- مولى عمر بن عبيد الله- عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد بمعناه‏.‏

وقال‏:‏ حديث حسن، وما أرى إسناده بمتصل‏.‏

وعن الحسن بن علي عن عبد الرَّزَّاق‏.‏

وقال‏:‏ حديث حسن‏.‏

وعن واصل بن عبد الأعلى عن يحيى بن آدم عن الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن جرهد عن أبيه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الفخذ عورة ‏"‏ مختصر‏.‏

وقال‏:‏ حديث حسن غريب من هذا الوجه‏.‏

ورواه أبو حاتم البستيُّ عن الحسين بن محمد بن أبي مَعْشر عن إسحاق بن إبراهيم الصَّوَّاف عن أبي عاصم عن سفيان عن أبي الزِّناد عن زُرْعة ‏[‏عن‏]‏ جدِّه‏.‏

وزُرعة بن عبد الرَّحمن بن جَرْهد الأَسْلَمِيُّ‏:‏ وثَّقه أبو عبد الرحمن النَّسائيُّ، وذكره أبو حاتم بن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ وقال‏:‏ من زعم أنَّه زُرْعة بن مسلم بن جَرْهد فقد وَهِمَ‏.‏

وقال ابن القطَّان‏:‏ حديث جَرْهد له علتان‏:‏ إحداهما‏:‏ الاضطراب المورث سُقوط الثِّقة به، وذلك أنَّهم مختلفون فيه‏:‏ فمنهم من يقول‏:‏ زُرعة بن عبد الرَّحمن، ومنهم يقول‏:‏ زُرعة بن عبد الله، ومنهم من يقول‏:‏ زُرعة بن مسلم‏.‏

ثُمَّ من هؤلاء من يقول‏:‏ عن أبيه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنهم من يقول‏:‏ عن أبيه عن جَرْهد عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنهم من يقول‏:‏ زُرْعة عن آل جَرْهد عن جَرْهد عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال‏:‏ وإن كنت لا أرى الاضطراب في الإسناد علَّةً، فإنَّما ذلك إذا كان من يدور عليه الحديث ثقة، فحينئذٍ لا يضرُّه اختلاف النَّقلة عليه إلى مسندٍ ومرسلٍ، أو رافعٍ وواقفٍ، وواصلٍ وقاطعٍ؛ وأمَّا إذا كان الذي اضطُرِب عليه بجميع هذا- أو بعضه- غير ثقةٍ، أو غير معروفٍ، فالاضطراب حينئذٍ يكون زيادةً في وهنه، وهذه حال هذا الخبر، وهي‏:‏ العلَّة الثَّانية‏:‏ وذلك أنَّ زُرْعة وأباه غير معروفَي الحال، ولا مشهورَي الرِّواية‏.‏

انتهى كلامه‏.‏

وفيه نظرٌ‏.‏

وأمَّا حديث محمد بن جَحشٍ‏:‏ فإسناده صالح، وقد رواه البخاريُّ في ‏"‏ تاريخه ‏"‏، والطَّحاويُّ وصحَّحه‏.‏

وأمَّا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه‏:‏ فرواه الإمام أحمد وأبو داود بمعناه‏.‏

وسَوَّار أبو حمزة هو‏:‏ ابن داود البصريُّ، وثَّقه يحيى بن معين وابن حِبَّان، وقال أحمد‏:‏ شيخٌ بصريٌّ، لا بأس به‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لا يتابع على أحاديثه، فيعتبر به‏.‏

ولم يذكر المؤلِّف حجَّة من قال‏:‏ إنَّ العورة هي الفرجان‏.‏

وقد احتجَّ من قال ذلك‏:‏

615- بما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزا خيبر، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في زقاق خيبر، ثم حسر الإزار عن فخذه، حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما دخل القرية قال‏:‏ ‏"‏الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين‏"‏‏.‏

قالها ثلاثاً‏.‏

رواه البخاريُّ ومسلم، وفي روايته‏:‏ فانحسر الإزار عن فخذ نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال البخاريُّ‏:‏ ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الفخذ عورة‏"‏‏.‏

وقال أنس‏:‏ حسر النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن فخذه‏.‏

وحديث أنس أسندُ، وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم‏.‏

616- وروت عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مضطجعاً في بيته كاشفاً عن فخذه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسوى ثيابه، قال‏:‏ فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة‏:‏ دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك‏!‏ فقال‏:‏ ‏"‏ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏

617- وروى الإمام أحمد أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان جالسًا كاشفًا عن فخذه، فأستأذن أبو بكر‏.‏

فذكر الحديث‏.‏

618- وروى الإمام أحمد أيضًا عن حفصة بنت عمر قالت‏:‏ دخل عَلَيَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يومٍ، فوضع ثوبه بين فخذيه، فجاء أبو بكر يستأذن، فأذن له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هيئته‏.‏

فذكر نحو حديث عائشة، وفيه‏:‏ فلمَّا جاء عثمان بن عفَّان فأستأذن فتجلَّل ثوبه ثُمَّ أذن له O‏.‏

مسألة ‏(‏117‏)‏‏:‏ الرُّكبة ليست عورة‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ هي عورةٌ‏.‏

واستدل أصحابنا بالحديثين المتقدِّمين‏.‏

وللخصم‏:‏ 619- ما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا إسماعيل بن محمد الصَّفَّار ثنا العباس بن محمد الدُّوريُّ ثنا موسى بن إسماعيل ثنا النَّضر بن منصور ثنا أبو الجنوب- قال موسى‏:‏ واسمه‏:‏ عقبة بن علقمة- قال‏:‏ سمعت عليًّا يقول‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏الركبة من العورة‏"‏‏.‏

قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ عقبة ضعيف الحديث‏.‏

والنضر‏:‏ مجهول، يروي أحاديث منكرة، وقال ابن حِبَّان‏:‏ لا يحتج به‏.‏

مسألة ‏(‏118‏)‏‏:‏ قدم المرأة عورة، وفي يديها روايتان‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ ليسا عورة‏.‏

620- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمد بن يحيى بن مرداس ثنا أبو داود ثنا مجاهد بن موسى ثنا عثمان بن عمر ثنا عبد الرَّحمن بن عبد الله بن دينار عن محمد ابن زيد بن مهاجر عن أمه عن أمِّ سلمة أنها سألت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أتصلِّي المرأة في درع وخمارٍ ليس لها إزار‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها‏"‏‏.‏

في هذا الحديث مقال، وهو أن عبد الرَّحمن بن عبد الله‏:‏ ضعفه يحيى، وقال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ لا يحتج به‏.‏

والظاهر أنه غلط في رفع الحديث، فإن أبا داود قال‏:‏ قد رواه مالك وابن أبي ذئب وبكر بن مضر وحفص بن غياث وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسحاق عن محمد بن زيد عن أمه عن أمِّ سلمة من قولها، لم يذكر أحدٌ منهم النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ز‏:‏ عبد الرَّحمن بن عبد الله بن دينار‏:‏ روى له البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏، ووثقه بعضهم، لكنه غلط في رفع هذا الحديث، والله أعلم‏.‏

وقد رواه الحاكم مرفوعاً أيضاً، وقال‏:‏ هو على شرط البخاريِّ‏.‏

وقد سئل الدَّارَقُطْنِيُّ عن هذا الحديث في ‏"‏ العلل ‏"‏ فقال‏:‏ يرويه محمد ابن زيد بن المهاجر بن قنفذ عن أمه عن أمِّ سلمة، واختلف عنه في رفعه‏.‏

فرواه عبد الرَّحمن بن عبد الله بن دينار عنه مرفوعاً إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتابعه هشام بن سعد من رواية مالك بن سعير عنه‏.‏

وخالفه ابن وهب، فرواه عن هشام بن سعد موقوفاً، وكذلك رواه مالك وابن أبي ذئب وابن لهيعة وأبو غسان محمد بن مطرف وإسماعيل بن جعفر والدراورديُّ عن محمد بن زيد عن أمه عن أمِّ سلمة موقوفًا، وهو الصواب O‏.‏

مسألة ‏(‏119‏)‏‏:‏ يجب ستر المنكبين في الفرض دون النَّفل، خلافًا لهم في قولهم‏:‏ لا يجب في الجميع‏.‏

لنا‏:‏ 621- ما روى أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يصلِّي أحدكم في الثَّوب الواحد ليس على منكبيه منه شيءٌ‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏، إلا أنَّ في حديث البخاريِّ‏:‏ ‏"‏ليس على عاتقه ‏"‏، وفي حديث مسلم‏:‏ ‏"‏عاتقيه‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏120‏)‏‏:‏ إذا كان على ثوبه أو بدنه نجاسة لم تصحَّ الصَّلاة، إلا يسير الدَّم والقيح

وقال أبو حنيفة‏:‏ تصحُّ مع قدر الدّرهم من سائر النَّجاسات، واختلفوا هل يعتبر الدِّرهم في المساحة أو الوزن‏؟‏ وقال الشَّافعيُّ‏:‏ لا تصحُّ إلا مع يسير دم البراغيث، وبقيَّه الدِّماء على قولين‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ منها حديث ابن عباس‏:‏ مرَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبرين، فقال‏:‏ ‏"‏إنَّهما ليعذبان، كان أحدهما لا يستبري من بوله‏"‏‏.‏

وهو في ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏، وقد ذكرناه بإسناده في كتاب الطهارة‏.‏

وقد ذكرنا هناك حديثًا قد احتجَّ به أصحابنا هاهنا، وهو قوله‏:‏ ‏"‏تعاد الصَّلاة من قدر الدِّرهم من الدَّم‏"‏‏.‏

وبيَّنَّا أنَّه لا يعتمد عليه‏.‏

622- وقد روى الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا أحمد بن عليٍّ الأبَّار ثنا علي بن الجَعْد عن أبي جعفرٍ الرَازيِّ عن قتادة عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏تنزَّهوا من البول، فإنَّ عامَّة عذاب القبر منه‏"‏‏.‏

مسائل القيام إلى الصَّلاة

مسألة ‏(‏121‏)‏‏:‏ لا يجوز ترك القيام في السَّفينة‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز إذا كانت سائرة‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏

623- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عليُّ بن عبد الله بن مبشر ثنا جابر بن كردي ثنا حسين بن علوان ثنا جعفر بن بُرقان عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال‏:‏ لمَّا بعث النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة، قال‏:‏ يا رسول الله، كيف أصلِّي في السَّفينة‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏صلِّ فيها قائمًا، إلا أن تخاف الغرق‏"‏‏.‏

624- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا محمد بن هارون ثنا إبراهيم بن محمد التَّيميُّ ثنا عبد الله بن داود عن رجلٍ من أهل الكوفة من ثقيف عن جعفر بن بُرقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر عن جعفر أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يصلِّي قائماً إلا أن يخشى الغرق‏.‏

625- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا محمد بن موسى بن سهل البَرْبَهاريُّ ثنا بشر بن فأفأ ثنا أبو نُعيم ثنا جعفر بن بُرقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال‏:‏ سُئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصَّلاة في السَّفينة، فقال‏:‏ ‏"‏قائماً إلاَّ أن تخاف الغرق‏"‏‏.‏

في هذه الأحاديث مقالٌ‏:‏ أما الأوَّل‏:‏ فقال أبو حاتم الرَّازيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حسين بن علوان متروك‏.‏

وقال يحيى بن معين‏:‏ كذاب‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ يضع الحديث‏.‏

وأما الثَّاني‏:‏ ففيه مجهول‏.‏

وأما الثَّالث‏:‏ فبشر لا يعرف‏.‏

ز‏:‏ بشر ضعفه الدَّارَقُطْنِيُّ، وقد رواه البيهقيُّ من غير طريقه فقال‏:‏ 626- أنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة ثنا محمد بن الحسين بن أبي الحنين ثنا الفضل بن دكين ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال‏:‏ سئل النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصَّلاة في السَّفينة، فقال‏:‏ كيف أصلِّي في السَّفينة‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏صلِّ فيها قائماً إلاَّ أن تخاف الغرق‏"‏‏.‏

قال الحاكم‏:‏ على شرط مسلم، وهو شاذ بمرة‏.‏

627- قال البيهقيُّ‏:‏ وأنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرَّحمن بن محمد بن إبراهيم الحرضي أنا أبو بكر محمد بن حميد بن سهيل الموصلي ثنا حامد بن شعيب البلخي ثنا الصلت بن مسعود ثنا عبد الله بن داود عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال‏:‏ أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه حين خرجوا إلى الحبشة، أن يصلُّوا في السَّفينة قياماً، ما لم يخالفوا الغرق‏.‏

كذا قال، واختلف فيه على عبد الله بن داود، وقيل‏:‏ لم يسمعه من جعفر، وحديث ابن نعيم الفضل بن دكين حسن‏.‏

628- وأنا أبو محمد الحُرْضيُّ أنا محمد بن حميد ثنا حامد البلخيُّ ثنا الصَّلت بن مسعود ثنا عَمرو- أظنه‏:‏ ابن عبد الغفَّار الفُقَيْميُ- عن جعفر بن بُرقان عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال‏:‏ كان جعفر بن أبي طالب وأصحابه حين خرجوا إلى الحبشة، يصلُّون في السَّفينة قيامًا‏.‏

629- قال‏:‏ وأنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو الفضل عبدوس بن الحسين السمسار ثنا أبو حاتم الرَّازيُّ ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال‏:‏ حدَّثني حميد الطويل قال‏:‏ سئل أنس بن مالك عن الصَّلاة في السَّفينة، فقال عبد الله بن أبي عتبة- مولى أنس، وهو معنا في المجلس-‏:‏ سافرت مع أبي الدرداء وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله يصلِّي بنا أمامنا ونصلِّي خلفه قياماً، ولو شئنا لخرجنا‏.‏

630- قال‏:‏ وأنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا‏:‏ ثنا أبو العباس بن يعقوب ثنا العباس بن محمد الدُّورِيُّ ثنا يونس بن محمد المؤدِّب ثنا حرب بن ميمون عن النَّضر بن أنس عن أنس أَنَّه كان إذا ركب السَّفينة، فحضرت الصَّلاة والسَّفينةُ محبوسةٌ، صلَّى قائمًا، وإذا كانت تسير، صلَّى قاعدًا في جماعة O‏.‏

مسألة ‏(‏122‏)‏‏:‏ إذا لم يقدر على الرُّكوع والسُّجود، لم يسقط عنه القيام‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يسقط‏.‏

631- قال أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا إبراهيم بن طَهْمان عن حُسين المعلِّم عن ابن بُريدة عن عمران بن حُصَين قال‏:‏ كان بي النَّاصُور، فسألتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصَّلاة، فقال‏:‏ ‏"‏صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

مسألة ‏(‏123‏)‏‏:‏ إذا عجز عن القعود صلَّى على جنبه، فإن صلَّى مستلقيًّا على ظهره ورجلاه إلى القبلة أجزأه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجزئه أن يصلِّي إلا مستلقيًّا رجلاه إلى القبلة‏.‏

وعن الشافعيِّ كقوله‏.‏

وعنه‏:‏ لا يجزئه إلا على جنبه‏.‏

لنا حديثان‏:‏ أحدهما‏:‏ حديث عمران المتقدِّم‏.‏

632- والثَّاني‏:‏ رواه الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا إبراهيم بن محمد بن عليٍّ بن بطحا ثنا الحسين بن الحكم الحِبرَيُّ ثنا حسن بن حسين العُرَنيُّ ثنا حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عليِّ بن الحسين عن الحسين بن عليٍّ عن عليِّ بن أبي طالب عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏يصلِّي المريض قائمًا إن استطاع، فإن لم يستطع صلَّى قاعدًا، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلِّي قاعدًا صلَّى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع أن يصلِّي على جنبه الأيمن صلَّى مستلقيًّا، رجلاه مما يلي القبلة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ الحسن بن الحسين العُرنيُّ‏:‏ قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشِّيعة‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ روى أحاديث مناكير، ولا يشبه حديثه حديث الثِّقات‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات‏.‏

وحسين بن زيد هو‏:‏ ابن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، قال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم‏:‏ قلت لأبي‏:‏ ما تقول فيه‏؟‏ فحرَّك يده وقلبها، يعني‏:‏ تعرف وتنكر‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ أرجو أنَّه لا بأس به، إلا أنِّي وجدتُ في حديثه بعض النُّكرة O‏.‏

مسألة ‏(‏124‏)‏‏:‏ إذا عجز عن الإيماء برأسه أومأ بطَرْفه، فإن عجز نوى بقلبه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يسقط عنه فرض الصَّلاة‏.‏

لنا‏:‏ الحديث المتقدِّم في ذكر الإيماء‏.‏